نحو سوسيولوجيا نقدية لدراسة المشكلات الاجتماعية
يرى أستاذ علم الاجتماع " احمد زايد " أن اصدق وصف لميدان مفعم بالمشكلات النظرية والمنهجية التي تجعله مجالاً للمناقشات لا ينقطع
وأشار إلى تطور علم الاجتماع بمراحله الكبرى وانتقال ميدان البحث إلى العالم الثالث وأصبح يفرض نفسه على الباحثين والسياسيين وقد أشار إلى ثلاث مسؤوليات على الباحث التطرق لها وهي :
أ- مسؤولية نقد الفرضيات
ب- مسؤولية فرضيات جديدة
ت- مسؤولية استخدام هذه الفرضيات
أولا : تراث المشكلات الاجتماعية
يتأسس تحليلنا على نقد الفرضيات والأسلوب الذي نقلت به إلى مجتمعنا ولا يمنعنا هذا النقد من التسليم ببعض الفرضيات ألعامه.
والنقد هنا ينصب على الفرضيات التي تشكل صلب الموقف النظري في دراسة المشكلات الاجتماعية
أن المشكلات الاجتماعية انحراف عن النمط العام وانحراف عن قيم المجتمع ومثله العليا وعرفت المشكلة في المملكة العربية السعودية " كل صعوبة تواجه أنماط السلوك السوي وأنها انحرافات تظهر قي سلوك الفرد والجماعات وأنها انحراف عن المعيار المتفق علية في ثقافة من الثقافات أو مجتمع من المجتمعات وخروج الفرد من العادات والتقاليد والأعراف المتفق عليها "
والمشكلة الأساسية هي تأسيس بنية اجتماعية وثقافية في آمه وبناؤها
ولا تتأسس المشكلة في ضوء ظروف موضوعية فحسب بل يجب أن يستشعرها أفراد المجتمع و إلا ليس هناك معنى للمشكلة الاجتماعية، إن أدرك والوعي لدى الفرد هام جداً في تحديد المشكلة فإذا كان الجانب المعرفي لدى الفرد راقي أحس بالمشكلات التي في المجتمع بخلاف الأمي الذي من المتوقع لا يعي المشكلة ولا يدركها
ومن ناحية أخرى عدم تهيئ الظروف للتعبير الحر عن المشكلات الاجتماعية هي مشكلة كبرى
إن التحول السريع لا يخلق تأسس نظامي ملائم للمشكلات لذلك يجب دعم دراسة المشكلات الاجتماعية برويه قادرة على فهم المشكلات البنائية الأوسع المتصلة بوجود الإنسان في المجتمع
آفاق جديدة لسوسيولوجيا المشكلات الاجتماعية
إن الوعي وسيلة لتحسين الوجود الإنساني وقد يتحول إلى مشكلة إذا خضع إلى مكبلات وعوائق وان المشكلة الاجتماعية قد تتغير بالمعرفة والوعي ، إن ما يدركه الإنسان كمشكلة معينة أو مشكلة معينة قد لا يكون بالضرورة حقيقيا لان عملية الإدراك والفهم يقلب تصور الفرد ودرايته للمشكلة رأساً عقب إن التحديد المشكلة الاجتماعية يختلف باختلاف الموفق السياسي وطرحها بالساحة يعتمد على دعم الموفق السياسي لها إن فاقدره الإنسان على فهم واقعه وتغيره يعتمد على مستوى نضوجه
فأن ظهور المشكلات إلى دائرة النور يعني وجود مشكلات خفية والمشكلات لا تظهر إلا بما يسمح به الموقف وفهم المنطقة المظلمة والمهملة لكي تكون الروية للمشكلة واضحة من كل الجوانب
والمشكلات الاجتماعية جزء من الوجود الإنساني ذاته وتختلف في حدتها وعمقها ونطاق تأثيرها في المجتمع والمشكلات لا تظهر وتختفي من تلقى نفسها فأنها تظهر وتختفي بالدرجة التي يسمح السياق السياسي والثقافي بالظهور والاختفاء
إن المشكلات الأكثر أهمية والمشكلات القادمة هي التي يمكن أن يسمح لها السياق بإدخالها إلى دائرة الضوء وهي تلك المشكلات التي تجد لنفسها تعبيراً في الأجهزة الإيديولوجية المهيمنة أو يسمح لها الإطار الثقافي بتداولها والحديث عنها
والمشكلات الأقل ظهوراً هي التي تقع في المنطقة المحرمة ولا يمكن أن تمس لان مساسها مرتبط بمساس السياق الثقافي والسياسي ذاته
وظهور المشكلات تتضمن عملية حجب وتعتيم على مشكلات أخرى وجوانب معينة من كل مشكلة ما فالقدرة المخولة للأجهزة الأيديولوجية لطرح مشكلة ما ، هي قدرة على حجب مشكلات أخرى أو طرحها بالشكل الذي يخدم مصالح معينه أو يحقق توازنات معينة وهي القدرة على إبراز جوانب من المشكلات وإهمال جوانب أخرى
ونستنتج إن ظهور المشكلات وطرحها من خلال بعدين :
الأول: درجة تسامح السياق الثقافي السياسي في طرح المشكلات بعينها أو جوانب بعينها من مشكلة
الثاني : درجة اهتمام الأجهزة الإيديولوجية بالمشكلات أو جوانب من مشكلة ما
وتنبع خصائص المشكلات من خصائص الموضوعية والأسلوب الذي تطرح وتعالج به من جانب القادة السياسيين والأجهزة الأيديولوجية والباحثين في العلم
مبادئ خصائص المشكلة الاجتماعية :
1. درجة الدرامية التي تضفى على المشكلة.
2. التجديد في غرض المشكلة بحيث لا يكون الأسلوب واحد ومكرر باعث على الملل.
3. تكرار الحديث عن المشكلة وربطها بأقوال أو ظروف أو رموز معينة.
4. تنوع الأساليب المستخدمة للتعبير عن المشكلة.
والتحليل النهائي أن ما نسميه مشكلة هو تعبير مباشر عن متطلبات إعادة إنتاج البناء الاجتماعي بأطره (الاقتصادي و الثقافي والسياسي )
ونحن ندعو إلى سوسيولوجيا جديدة لدراسة المشكلات الاجتماعية من منظور مختلف يبحث خلف ما هو ظاهر من الأشياء ويكشف الحجاب عن ما هو خفي من مشكلتنا الاجتماعية وتتم هذه إذا تحرر الباحث من أي إيديولوجية إلا ما يمليه عليه علمه و إيمانه وروية يكتشف منها نفسه قبل أن يكتشف العالم ويحقق لنفسه وجوداً أفضل ومعرفة أفضل أثناء سعيه لتحرير وجود الإنسان .